إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية.    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر.
محاضرات في شرح نواقض الإسلام وكتاب الجنائز من صحيح البخاري
27334 مشاهدة
باب قول الرجل للمرأة عند القبر: اصبري

وقال رحمه الله: باب: قول الرجل للمرأة عند القبر: اصبري.
حدثنا آدم حدثنا شعبة حدثنا ثابت عن أنس بن مالك رضي الله عنه– قال: مر النبي صلى الله عليه وآله وسلم بامرأة عند قبر وهي تبكي، فقال: اتقي الله واصبري .


هذه المرأة مات ولدها، ويمكن أنها كانت في بادية، ودفن وجلست عند قبره، لم يكن هناك من يعلمها الأحكام، فأخذت تبكي، وكأن بكاءها له نشيج ومعه نحيب، فمر عليها النبي صلى الله عليه وسلم فقال لها: اصبري، اتقي الله واصبري فيدل على نصيحة من وقع منه شيء يخالف الصبر، أو ينافي الرضا بالقضاء والقدر أن ينصح، ويقال له: عليك بالصبر والاحتساب، ورجاء الأجر والثواب؛ فإن ثواب هذه المصيبة خير وأفضل من بقائها، ومن نفعها لو بقيت.
في بعض الروايات أنه لما قال لها: اتقي الله واصبري، قالت: إليك عني، فإنك لم تصب بمثل مصيبتي، فقال الناس: إنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجاءت تعتذر، فقال: إنما الصبر عند الصدمة الأولى ، أو عند أول صدمة يعني: الصبر الذي يثاب عليه إذا كان في أول الأمر، أول ما تحصل المصيبة يتحمل ويصبر، فهذا هو الذي أجره كبير.
أسئـلة
س: هل يصح الاستدلال بهذا الحديث على أن المرأة تزور المقبرة؟
وهذا القبر كان منبوذا في برية، فلا مانع من أنها تمر على قبر في برية إذا كان قبر قريب لها، لم ينكر عليها، وأما المقابر التي سميت، أو خصصت بالمقابر فلا يجوز للنساء زيارتهن؛ لأنه صلى الله عليه وسلم– قال: لعن الله زوارات القبور فليس في هذا أنه كان في مقبرة، إنما كان قبرا منبوذا، يظهر أنه لم يكن عندهم قبور غيره، ويمكن أيضا أنها قريبة منه، وليست عنده. نعم.